سورة الحاقة - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحاقة)


        


{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13)}
{فَإِذَا نُفِخَ فِى الصور نَفْخَةٌ واحدة} شروع بيان نفس الحاقة وكيفية وقوعها إثر بيان عظم شأنها بإهلاك مكذبيها والمراد بالنفخة الواحدة النفخة الأولى التي عندها خراب العالم كما قال ابن عباس وقال ابن المسيب ومقاتل هي النفخة الآخرة والأول أولى لأنه المناسب لما بعد وإن كانت الواو لا تدل على الترتيب لكن مخالفة الظاهر من غير داع مما لا حاجة إليه والنفخة قال جار الله في حواشي كشافه المرة ودلالتها على النفخ اتفاقية غير مقصودة وحدوث الأمر العظيم بها وعلى عقبها إنما استعظم من حيث وقوع النفخ مرة واحدة لا من حيث أنه نفخ فنبه على ذلك بقوله سبحانه واحدة وعن ابن الحاجب أن نفخة لم يوضع للدلالة على الوحدة على حيالها وإنما وضع للدلالة على النفخ والدلالة على الوحدة اتفاقية غير مقصودة وتعقب بأن هذا بعد التسليم لا يضر لأن الكلام في مقتضى المقام لا أصل الوضع وقد تقرر أن الذي سيق له الكلام يجعل معتمدًا حتى كان غيره مطروح فالمرة هي المعتمدة نظرًا للمقام دون النفخ نفسه وإن كان النظر إلى ظاهر اللفظ يقتضي العكس فافهم وأيًا ما كان فإسناد الفعل إلى نفخة ليس من إسناد الفعل إلى المصدر المؤكد كضرب ضرب وإن لم يلاحظ ما بعده من قوله سبحانه واحدة وحسن تذكير الفعل للفصل وكون المرفوع غير حقيقي التأنيث وكونه مصدرًا فقد ذكر الجاربردي في «شرح الشافية» أن تأنيثه غير معتبر لتأويله بأن والفعل والمشهور أن واحدة صفة مؤكدة وأطلق عليها بعضهم التوكيد وبعضهم البيان وذكر الطيبي أن التوابع كالبدل وعطف البيان والصفة بيان من وجه للمتبوع عند أرباب المعاني وتمام الكلام في ذلك في المطول وقرأ أبو السمال نفخة واحدة بنصبهما على إقامة الجار والمجرور مقام الفاعل.


{وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14)}
{وَحُمِلَتِ الارض والجبال} رفعتا من أحيازهما جرد القدرة الإلهية من غير واسطة مخلوق أو بتوسط نحو ريح أو ملك قيل أو بتوسط الزلزلة أي بأن يكون لها مدخل في الرفع لا أنها رافعة لهما حاملة إياهما ليقال إنها ليس فيها حمل وإنما هي اضطراب وقيل يجوز أن يخلق الله تعالى من الأجرام العلوية ما فيه قوة جذب الجبال ورفعها عن أماكنها أو أن يكون في الأجرام الموجودة اليوم ما فيه قوة ذلك إلا أن في البين مانعًا من الجذب والرفع وأنه يزول بعد فيحصل الرفع وكذا يجوز أن يعتبر مثل ذلك بالنسبة إلى الأرض وأن تكون قوتا الجاذبين مختلفتين فإذا حصل رفع كل إلى غاية يريدها الله تعالى حدث في ذلك الجاذب ما لم يبق معه ذلك الجذب من زوال مسامته ونحوه وحصل بين الجبال والأرض ما يوجب التصادم ويجوز أيضًا أن يحدث في الأرض من القوى ما يوجب قذفها للجبال ويحدث للأرض نفسها ما يوجب رفعها عن حيزها وكون القوى منها ما هو متنافر ومنها ما هو متحاب مما لا يكاد ينكر وقيل يمكن أن يكون رفعهما صادمة بعض الأجرام كذوات الأذناب على ما قيل فيها جديدًا للأرض فتنفصل الجبال وترتفع من شدة المصادمة ورفع الأرض من حيزها ولا يخفى أن كل هذا على ما فيه لا يحتاج إليه ويكفينا القول بأن الرفع بالقدرة الإلهية التي لا يتعاصاها شيء وقرأ ابن أبي عبلة وابن مقسم والأعمش وابن عامر في رواية يحيى وحملت بتشديد الميم وحمل على التكثير وجوز أن يكون تضعيفًا للنقل فيكون الأرض والجبال المفعول الأول أقيم مقام الفاعل والمفعول الثاني محذوف أي قدرة أو ريحًا أو ملائكة أو يكون المفعول الثاني أقيم مقام الفاعل والأول محذوف وهو أحد المذكورات {فَدُكَّتَا دَكَّةً واحدة} فضربت الجملتان إثر رفعهما بعضها ببعض ضربة واحدة حتى تفتت وترجع كما قال سبحانه: {كثيبًا مهيلًا} [المزمل: 14] وقيل تتفرق أجزاؤها كما قال سبحانه: {هباء منبثًا} [الواقعة: 6] وفرقوا بين الدك والدق بان في الأول تفرق الأجزاء وفي الثاني اختلافها وقال بعض الأجلة أصل الدك الضرب على ما ارتفع لينخفض ويلزمه التسوية غالبًا فلذا شاع فيها حتى صار حقيقة ومنه أرض دكاء للمتسعة المستوية وبعيرًا دك وناقة دكاء إذا ضعفا فلم يرتفع سناماهما واستوت خدجتهما مع ظهريهما فالمراد هاهنا فبسطتا بسطة واحدة وسويتا فصارتا أرضًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا ولعل التفتت مقدمة للتسوية أيضًا وقال الراغب الدك الأرض اللينة السهلة وقوله تعالى فدكتا أي جعلتا نزلة الأرض اللينة وهذا أيضًا يرجع إلى التسوية كما لا يخفى وحكى في مجمع البيان أنهما إذا دكتا تتفتت الجبال وتنسفها الريح وتبقى الأرض مستوية وثنى الضمير لإرادة الجملتين كما أشرنا إليه.


{فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15)}
{فَيَوْمَئِذٍ} أي فحينئذ على أن المراد باليوم مطلق الوقت وهو هاهنا متسع يقع فيه ما يقع والتنوين عوض عن المضاف إليه أي فيوم إذ نفخ في الصور وكان كيت وكيت {وَقَعَتِ الواقعة} أي قامت القيامة وتفسير الواقعة بصخرة بيت المقدس واقع عن درجة القبول.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8